[هناك شريحة كبيرة من المتعاملين في السوق المصرى بصفة خاصة لا تُحسن الاستفادة مما يُنشر ويُبث من تحليلات عن توجهات أسعار أسهم الشركات المعروضة بسوق الأسهم المصرية والسبب أنه لم يحدد بعد هوية تعامله في السوق.. هل هو مضارب أو مستثمر! فمن يحدد هويته على أنه مستثمر، المفترض أنه ينظر (بداية) إلى معدلات نمو الشركة، وما ينتظر لسعر السهم على المدى الطويل. بالمقارنة بتكلفة رأس المال المستثمر في هذا السهم. وأن يختار الصناعة التي تحقق معدلات منافسة للصناعات الأخرى. وبالتالي فهو لا يحتاج للتحليل الفني، بقدر ما يحتاج للتحليل الأساسي، وما يستلزمه من فهم لمضامين القوائم المالية. بداية من تقرير مراجع الحسابات، وما قد يضعه من تحفظات على مدى عدالة القوائم المالية. والأهم من ذلك يجب أن يكون مؤهلا مالياً؛ ليستطيع فهم معانيها بدرجة معقولة من المهنية. ولا يغفل قراءة الإيضاحات المرفقة بالقوائم المالية. حيث تعتبر جزءا لا يتجرأ من القوائم المالية. وهنا أود التأكيد على ملاحظة (مهمة) وهي أن تقرير مراجع الحسابات أو الإيضاحات قد تتضمن جملة واحدة تغير كل معاني ودلالات صافي الربح وباقي نتائج القوائم المالية! كأن يقال إن الشركة لم تعد تقييم الديون المشكوك فيها، أو أن عليها قضية مرفوعة لم يكن لها احتياطي أو لم يقيم أثرها! ثم انه لا بد لمن يستثمر في الشركة أن يقرأ تقرير مجلس الإدارة المرفق بالتقارير المالية الدورية، ليعرف ما تخطط له الشركة من مشاريع وما قامت بتنفيذه من برامج.. ولذلك فإن لهذه المهمة محللين ماليين متخصصين في هذا المجال يبيعون أوقاتهم بالساعات بل بالدقائق. وفي هذا الصدد، يحسن التنويه إلى أن تفاصيل تقارير مجالس الإدارات لا تحد بمعيار. فمجلس الإدارة له الحق أن يرفق بالقوائم المالية أي تقارير يراها مفيدة للمساهمين، لكن معلومات القوائم المالية محددة بمعايير مهنة المحاسبة والمراجعة، لتكون بتفاصيل بالقدر الكافي الذي يحقق العدالة للقوائم المالية في تمثيلها للمركز المالي..
وهذا هو الفرق بين التقارير المالية والقوائم المالية. أما المضارب فهو شخص ينظر لتوجهات سعر السهم في اللحظة الآنية. بل إن معظم المضاربين يدخلون السوق ويخرجون منه في ذات اليوم! فالمضارب لا يهمه مستوى أداء الشركة، ولا ما تنوي إدارتها افتتاحه من مشاريع.. إلا بالقدر الذي يحرك السعر في ذات اللحظة. بدليل أن المضارب يأخذ بنظرية اشتر على إشاعة، وبع على تحقق الخبر. ولذلك فإن المضارب يستفيد كثيراً من آراء المحللين الفنيين وقنوات الوصول إلى المعلومات الداخلية (أكثر من غيرهم). والذي يحصل للبعض أنه يتابع محللاً مالياً يتحدث عن معدلات نمو متوقعة لشركة ما، وتوقعاته لمستقبلها المشرق، فيشتري أسهمها على هذا الأساس ويحتفظ بأسهمها. وهو في الحقيقة عينه على الكسب السريع. فيحصل أن الشركات الأخرى تقفز أسعارها، وهو لا يزال محتفظا بأسهم هذه الشركة، ويرى أن ذلك المحلل المالي قد ضلله! بينما من كان يتابع التحليل الفني اشترى وباع وحقق أعلى المكاسب.. وكما يقال «طارت الطيور بأرزاقها» وهو باق على حاله، ولو تحقق له ربح يكون أقل من متوسط نمو السوق (المؤشر). وهنا ينبغي أن نتذكر أن المضارب يحتاج إلى متابعة الأخبار بشكل دائم ولصيق، ولا بأس أن يشترك في أكثر من مجموعة لتوافيه بأخبار السوق أولاً بأول. ولا يلام لو حاول الحصول على المعلومات عن الشركات التي يتعامل فيها بأية وسيلة تحقق له ذلك.
ختاماً.. فإن المتابع الذي يهدف إلى تكوين قناعة بالقدر الذي يستطيع منه أن يتخذ قرارات تعامل ناجعة؛ فإن عليه أن يجمع بين متابعة التحليل الفني والتحليل المالي. لأن الحقيقة التي لا مفر منها أن كلا من التحليل الفني والمالي يؤثر كلاهما في الآخر