توقع الخبراء تباين التأثيرات المترتبة علي استمرار ارتفاع معدلات التضخم فيما يتعلق بخريطة المدخرات والودائع بالبنوك، واستثمار هذه الفوائض والمدخرات داخل البورصة المصرية.
وقال إنه من المبكر الحكم علي تأثير ارتفاع التضخم علي حركة المدخرات في البورصة إلا إذا استمر علي هذا المستوي فترة أطول وفي حالة حدوث ذلك فإن أصحاب المدخرات سيتجهون إلي تحويل أموالهم لأصول عينية قد تكون عقارات أو اقتناء الأجهزة المعمرة، مستبعداً تحول خريطة الودائع لصالح الجنيه علي حساب الدولار في الوقت الراهن.
في المقابل قال خبراء بأسواق المال إن ارتفاع ربحية معظم صناديق الاستثمار العاملة في البورصة العام الماضي ما بين ٣٠ و٥٠% سيغري أصحاب المدخرات علي استثمارها بالبورصة، إلا أنهم توقعوا اتجاه البنك المركزي لتطبيق زيادة جديدة لأسعار الفائدة الشهر المقبل بهدف تحقيق توازن في السوق.
وحذر محمود عبدالعزيز، رئيس اتحاد البنوك الأسبق، من استمرار الزيادة في معدل التضخم، مبدياً تخوفه من أن يؤدي هذا إلي لجوء الكثيرين إلي سحب مدخراتهم البنكية «الودائع» وتحويلها إلي أصول عينية، منها العقارات أو شراء الأجهزة المعمرة.
وقال: إن هذه الاتجاه معروف عندما يرتفع التضخم إلي معدلات كبيرة مثل الوضع الحالي وهو ما يطلق عليه التوزيع العيني، بما يعني تحويل الأموال إلي اتجاه آخر بهدف تحقيق أرباح أو عائد أعلي من الفائدة البنكية.
وأضاف أن هذا يؤدي في النهاية إلي زيادة الطلب علي هذه السلع مما يدفع الأسعار لمزيد من الارتفاع، وبالتالي المزيد من التضخم.
واقترح أن يترأس الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، لجنة السياسات بالبنك المركزي لضبط السياسة المالية بما يضمن السيطرة علي التضخم إلي جانب العمل علي خفض الانفاق الحكومي.
واستبعد عبدالعزيز أن يؤثر معدل التضخم علي خريطة الودائع الدولارية وودائع الجنيه المصري، مشيرا إلي أن تحويل الودائع الدولارية إلي الجنيه أمر مستبعد علي الأقل في الوقت الحالي،
واقترح عدداً من الإجراءات من شأنها زيادة الإيرادات، منها زيادة أسعار البنزين والوقود بشرط الحفاظ عليها دون زيادة لسائقي سيارات التاكسي والأجرة والمزارعين من خلال صرف كوبونات لهم وتشديد العقاب علي المخالفين.
وقال: إذا لم ندفع الثمن حاليا ونتحمل بعض هذه الإجراءات المؤلمة فستتراكم المشاكل والنتائج السلبية المتوقعة.
وقال الدكتور عصام خليفة، رئيس شركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار، إن البورصة ستسحب البساط من البنوك والقطاعات الأخري خاصة التي تعطي عوائد ثابتة متوقعا تحول المدخرين بالبنوك للاستثمار في البورصة بهدف تعويض ارتفاع التضخم رغم مخاطر الاستثمار في البورصة.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة دخولا مكثفا لرؤوس الأموال في البورصة، خاصة مع انخفاض سعر الفائدة التي أصبح معها المودع يحقق خسارة تصل إلي ١٠% نتيجة الارتفاع في التضخم.
وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد دخول عدد من الصناديق الاستثمارية في السوق لجذب الهاربين من المدخرين في البنوك، موضحاً أن البورصة هي المجال الوحيد الذي بإمكانه تعويض فارق ارتفاع التضخم إلي جانب تحقيق ربح،
مدللاً علي ذلك بأن أغلب صناديق الاستثمار التي تستثمر بالبورصة حققت أرباحاً العام الماضي ما بين ٣٠% و٥٠% وارتفع المؤشر الرئيسي للأسهم النشطة بالبورصة بنسبة ٥٠%، مما يدل علي قدرتها علي تحقيق أرباح واستيعاب الفارق في التضخم.
وأضاف أن ارتفاع التضخم سيمثل عامل دعم للبورصة يدفعها للصعود نتيجة لدخول مستثمرين جدد، متوقعاً أن يتجه البنك المركزي ممثلا في لجنة السياسات النقدية خلال اجتماعها المقبل إلي رفع أسعار الفائدة لكن ستظل عوائد مودعي البنوك سلبية بسبب معدلات التضخم السائدة.
وقال عصام مصطفي، المحلل المالي: إن ارتفاع التضخم يزيد من المخاطر بالبورصة، لافتا إلي أن المستثمر يرغب في تعويض ارتفاع التضخم من خلال البورصة حيث يطلب عائداً بين ٤٠% و٤٥% لتعويض الارتفاع في التضخم.
أضاف أن هناك عوامل أربعة تؤثر علي البورصة وينظر لها المستثمر، هي: معدل النمو الاقتصادي وسعر الصرف ومعدل التضخم والعائد علي العملة، مؤكدا أنه كلما زاد التضخم ارتفع العائد المطلوب علي الاستثمار في ظل تآكل رؤوس الأموال.
وتابع: إن ارتفاع التضخم يخفض من جاذبية البورصة وجاذبية أسهم الشركات، خاصة حال عدم تمكن الشركات من استيعاب الارتفاع المتتالي في الأسعار ومدخلات الإنتاج.
وقال مصطفي: إن التضخم يدق ناقوس الخطر علي البورصة في الوقت الحالي، ووصف الوضع الحالي بأنه «مرحلة خطيرة» حالة عدم القدرة علي السيطرة علي التضخم.
وأضاف أن هناك بعض الشركات المتداولة ستتمكن من استيعاب الارتفاع في التضخم، لكن البعض الآخر سيفشل في ذلك الأمر الذي يؤدي إلي تدهور تلك الشركات مشككا في قدرة البورصة بوجه عام علي استيعاب الزيادات في معدلات التضخم.
وأكد أن معدلات النمو في قطاعات البنوك والعقارات بدأت تنخفض بعد مرحلة من النمو القياسي بسبب تضخم قيمة الوحدات العقارية وبالتالي حدث انحسار في الاستهلاك.
وأكد معتصم الشهيدي، رئيس إحدي شركات الأوراق المالية، أن لارتفاع التضخم أثراً إيجابياً علي البورصة، حيث سحبت البساط من قطاع البنوك والودائع الثابتة، متوقعاً أن تشهد البورصة الفترة المقبلة ارتفاعات قياسية نتيجة تحول مودعي البنوك للاستثمار في البورصة، خاصة أن استثمارهم في الودائع يحقق لهم نتائج سلبية «خسائر» نتيجة تآكل رأس المال.
وقال: إن البورصة ستشهد دخولا مكثفا لمودعي البنوك إلي جانب دخول عدد كبير من صناديق الاستثمار بمختلف أنواعها تؤدي في النهاية إلي زيادة عمق وحجم وسيولة البورصة المصرية الفترة المقبلة، رغم أن الفترة المقبلة تشهد كل عام هدوءا نسبيا في التعاملات نتيجة فترات الصيف.
وأضاف أن المستثمرين في البورصة سواء أجانب أو عرب أو مصريون يرغبون الآن في تحقيق أرباح إضافية لتعويض الفارق في ارتفاع معدلات التضخم.