يبدو أن التنبؤات التي كانت تشير إليها بيوت الخبرة العالمية في العام الماضي 2007، من أن أسعار النفط ستتجاوز حاجز المائة دولار، في 2008، «صادقة» وإن كانت في ذلك الوقت «تقديرات» أكثر من أي شيء آخر. فأمس وفي اليوم الثاني للتداولات في العام الميلادي الجديد، ارتفعت العقود الآجلة لخام النفط الأميركي الى مستوى قياسي، تجاوز 100 دولار للبرميل لأول مرة مع تأرجح اسواق العقود الآجلة بعدما اظهرت بيانات للمخزون الحكومي، تراجعا حادا في امدادات خام النفط الأميركي الاسبوع الماضي، رغم ارتفاع امدادات المنتجات المكررة.
وبلغت العقود الآجلة 100 دولار لفترة قصيرة أول من امس الاربعاء. وفي بورصة نيويورك التجارية الساعة 11.45 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (16.45 بتوقيت غرينيتش) ارتفعت عقود فبراير (شباط) 31 سنتا او 0.31 في المائة الى 99.93 دولار للبرميل، وجرى تداولها بين 98.64 دولار ومستوى 100.05 دولار كسعر قياسي.
وتجاوز برميل النفط للمرة الأولى في تاريخه سعر الـ100 دولار، اثر تراجع الاحتياطي الاميركي ووسط اجواء من التوتر الجيو ـ سياسي والمضاربات. وفي الوقت الذي كان فيه المحللون، يتوقعون تراجعا بمليوني برميل فقط في المخزون الاميركي، اعلنت وزارة الطاقة الاميركية أمس، ان هذا التراجع بلغ اربعة ملايين برميل خلال الاسبوع الماضي الذي انقضى في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وغذى هذا الاعلان، مخاوف من حدوث نقص في الخام خلال هذه الفترة من العام التي تتميز بارتفاع استهلاك مواد التدفئة، بسبب اشتداد البرد.
وأول من أمس، لامس سعر برميل النفط المائة دولار من دون تجاوزها في نيويورك. ويعود ارتفاع الاسعار ايضا الى التوترات الجيو ـ سياسية في باكستان ونيجيريا، التي تتزامن مع تراجع قيمة الدولار، وموجة برد شديدة في الولايات المتحدة، وعودة قوية للمضاربين الى الأسواق مع بداية العام الجديد.
أمام ذلك، قال مندوب اندونيسيا الدائم لدى «أوبك» معز الرحمن لرويترز أمس، إن المنظمة قد تقرر زيادة انتاجها في اجتماعها المقبل في الاول من فبراير في فيينا اذا لم تكن الامدادات كافية.
وقال المندوب، ان «أوبك» لديها القدرة على زيادة انتاجها بمقدار 500 الف برميل يوميا، وحذر من أن أسعار النفط قد ترتفع بدرجة اكبر. وتابع «هناك امكانية لأن ترتفع اسعار النفط الى مستوى من مائة الى 110 دولارات للبرميل». وأضاف أن من شأن ذلك الإضرار بالنمو الاقتصادي للدول النامية، التي لا تنتج النفط. ومضى يقول «وفور ان يحدث ذلك، ستنخفض أسعار النفط، بسبب ضعف القوة الشرائية للدول النامية».
إلى ذلك قال محلل يتولى تقدير شحنات النفط المستقبلية أمس، ان صادرات «اوبك» ما عدا انغولا والاكوادور من النفط سترتفع بمقدار 60 الف برميل يوميا في الاسابيع الأربعة حتى 19 يناير (كانون الثاني) الجاري، في صعود موسمي متوقع للمعروض تجاه قمة ثانية خلال الشتاء.
وتوقع رون ميسون من مؤسسة اويل موفمنتس للاستشارات، ان ترتفع صادرات النفط الخام المحمولة بحرا من 11 دولة من اعضاء «اوبك» الى 24.41 مليون برميل يوميا صعودا من 24.35 مليون برميل يوميا في 22 ديسمبر. وتراجعت الشحنات المحمولة بحرا من الخليج بمقدار 70 الف برميل يوميا، في نفس الفترة في انخفاض مفاجئ. وقال ميسون «المعروض حاليا بين قمتين.. الأولى تحدث أواخر ديسمبر، والثانية في منتصف فبراير». وتابع «ولذلك يجب ان ترتفع الصادرات على اي حال.. بفرض ان تسمح اوبك بذلك».
من جانب آخر، رأت خبيرة في معهد اقتصادي ألماني، ان الارتفاع الحاد في اسعار النفط، لن يتراجع على الارجح وسعر البرميل الذي تجاوز عتبة المائة دولار أمس، قد يتضاعف خلال عشر سنوات.
وقالت كلاوديا كيمفرت الخبيرة في معهد «دي.اي.في»، في مقابلة مع صحيفة «برلينر تسايتونغ» وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، ان «احتياطات النفط تتضاءل اكثر فأكثر، وهذا سيؤدي الى ارتفاع الاسعار».
واضافت «خلال خمسة اعوام، من المرجح ان يبلغ السعر 150 دولارا للبرميل الواحد، وخلال عشرة اعوام الى 200 دولار». وقالت الخبيرة نفسها ان تراجع الأسعار ليس مرجحا. واضافت «اراهن على ارتفاع جديد الى 105 دولارات على المدى القصير».
من جهة أخرى، ذكرت نشرة بلاتس المتخصصة في أنباء الطاقة أمس الخميس، أن شركة ارامكو السعودية، تستعد لبدء تشغيل مشروع حقل نفط الخرسانية العملاق، الذي كان من المقرر أن يبدأ تشغيله الشهر الماضي.
وقالت النشرة نقلا عن بيان لـ«ارامكو» ان الشركة مستعدة الآن لتزويد السوق بمزيد من النفط، قبل بدء تشغيل حقل الخرسانية. ومن المقرر ان يبلغ انتاج مشروع الخرسانية 500 الف برميل يوميا، من الخام العربي الخفيف ويرفع الطاقة الانتاجية لأكبر مصدر للنفط في العالم الى مستوى رسمي قدره 11.8 مليون برميل يوميا. وكان من المقرر اصلا ان يكتمل المشروع في يونيو (حزيران) 2007.