كيف سينتهي النزاع القائم حالياً بين رجلي الأعمال المصري الإماراتي شفيق جبر ومحمد العبار هل ينجح العبار في استرداد شركة «إعمار» من بين أنياب شفيق جبر مقابل حصة لا بأس بها من الملايين أم يأخذ جبر الجمل بما حمل، ويصبح المالك الوحيد للشركة.. أسئلة تبدو الإجابة عنها في الوقت الحالي أشبه بضرب الودع، أو قراءة الفنجان، فالأزمة لاتزال محتدمة، والمعركة بين الاثنين علي وشك أن تبدأ، وإسدال الستار مازال سابقاً لأوانه.. وإليكم التفاصيل:
الشرارة الأولي للخلاف انطلقت منذ أيام، وقد افسحت لها زميلتنا «الفجر» مساحة شرحت فيها وقائع الخلاف وأسبابه، وسوف تستكمل بالتأكيد متابعة القضية، لحظة بلحظة، وانطلاقاً من ميثاق الشرف الصحفي، سوف نترك «للفجر» المهمة التي بدأتها، ومن جانبنا سوف نركز علي الجانب الآخر، الذي يصلح لتحويله لفيلم سينمائي «أكشن» علي غرار أفلام هوليود.
هبت عاصفة الخلاف مع الرياح التي حملت طائرة «محمد العبّار» رجل الأعمال الإماراتي، ورئيس مجلس إدارة شركة إعمار إلي مطار القاهرة يوم الجمعة الماضي.. ولم يكن خبر وصول «العبار» علي طائرته الخاصة مستعصياً علي أجهزة مخابرات شفيق جبر.. نزل العبار في الصالة الجديدة المخصصة للطائرات الخاصة برفقة مستشاريه ومحاميه، وقد بدا من المشهد ــ العبار وحوله حاشيته ــ أن هناك نية مؤكدة لتصفية الشركة، بعدها استقل العبار سيارته الخاصة، وقد شعر السائق بأنهم ملاحقون من عدة سيارات، فاضطر للقيام بعدة مناورات، علي طريقة الأفلام الأمريكية، وفي النهاية نجح في تضليل مخابرات رجالات «شفيق جبر» وتوجه العبار ومرافقوه إلي جهة غير معلومة، ربما رغبة في ترتيب أوراقهم وحتي يكونوا علي أتم استعداد للمعركة المقبلة.
علمت مخابراتنا الصحفية أن «العبار» قد حل نزيلاً علي فندق «جراند حياة» بالكورنيش، وخلال نفس اليوم «الجمعة» لم تنقطع الاتصالات الهاتفية بينه وبين مسئولين حكوميين توسطوا لحل النزاع، ولكن فيما يبدو أن الخلاف قد وصل إلي ذروته، لدرجة بات معها الصلح مستحيلاً، أو بالأحري يحتاج إلي معجزة من السماء.. علي العموم انقضت تلك الليلة الساخنة، وأتي يوم «السبت» ملبداً بالغيوم في إشارة واضحة إلي حساسية هذا اليوم، وقد غادر العبار الفندق متوجهاً إلي مكتب «علي عبدالعزيز» رئيس الشركة القابضة للإسكان والسياحة حسب موعد متفق عليه مسبقاً وبدأ الاجتماع في الثانية عشرة ظهراً، واستمر نحو «13» ساعة كاملة، حيث انتهي في الواحدة من صباح اليوم التالي.. وحضره العبار ومجموعة مستشاريه ومحاميه وعلي الطرف الآخر حضر شفيق جبر ومعه أيضاً صحبة من كبار محاميه، وبينهم علي عبدالعزيز الذي لعب دور «واسطة الخير» ولكن يبدو أن وساطته لم تأت بنتائج مرضية.
مبدئياً تم الاتفاق علي انسحاب شفيق جبر من الشركة، وبالتالي لم يكن ثمة داع لمزيد من جهود الصلح.. هذه آخر نقطة وصل إليها الطرفان فجر الأحد.
تأكدنا أن الانفصال كان لمصلحة الحاجزين، نظراً لخبرة شركة «إعمار» في مجال العقارات، حيث إن شفيق جبر نائب رئيس شركة إعمار وافق علي التنازل للعبار عن أسهمه في الشركة والبالغة 60% حيث يمتلك العبار 40% فقط.. وبذلك تصبح شركة إعمار بالكامل ملكاً لرجل الأعمال الإماراتي دون شريك، هكذا انتهت صيغة الاجتماع، وتقرر أن يشهد اليوم التالي ــ الأحد ــ توقيع بروتوكول بهذا المعني، وأسدل الستار علي يوم السبت، وانتظر الجميع قدوم يوم الأحد لوضع حد لهذا الخلاف الذي شغل الرأي العام لعدة أيام.
في يوم الأحد، كان من المفترض أن يوقع شفيق جبر علي البروتوكول الذي اتفقا علي صيغته أمس، وأن يخرج نهائياً من الشركة.. ولكن ــ كما كان متوقعاً للمقربين منه ــ قلب جبر الأمور رأساً علي عقب، وعاد إلي نقطة الصفر، حيث امتنع عن التوقيع، وتأزمت الأمور للمرة الثانية.. المقربون فسروا موقف شفيق بأنه مساومة للحصول علي أكبر قدر ممكن من الملايين، وخاصة أن شفيق معروف في عالم البيزنس بأنه وسيط صفقات أو «MIDDLE MAN» علي العموم بعيداً عن الأقاويل والتكهنات، لم تسر الأمور مثلما رسم وخطط لها، بل تعقدت مجدداً، وباتت في حاجة إلي تدخل فوري من أحد العقلاء.. وهنا ظهرت «ملائكة» الحكومة التي سعت للتقريب بين وجهات النظر مرة أخري، وإثناء شفيق جبر عن موقفه المتعنت.. حيث تدخل محمود محيي الدين وزير الاستثمار، وزياد بهاء الدين رئيس الهيئة العامة للاستثمار لاحتواء الموقف، ولكن «ملائكة» الحكومة هي أيضاً عجزت عن «تليين» دماغ شفيق جبر، واقناعه علي الالتزام بما اتفق عليه أصلاً.. وهنا شعر «العبار» بمماطلة شفيق جبر وعدم جديته، فأغلق من جانبه باب المفاوضات، وقرر الرحيل إلي الإمارات، وترك الأمور كما هي معلقة لحين إشعار آخر.. وقبل أن ينفض الاجتماع، حاول الحاضرون الوصول إلي نقطة وسط، وبصعوبة بالغة، اتفق الطرفان علي التوقيع علي العقد القديم، وأن يتم ذلك بقاعة العروسة بفندق النيل هيلتون في حضور عدد من الصحفيين والمصورين لإحراج العبار حتي لا يطالب بعد ذلك بإخراج شفيق جبر.. هنا بدأ يلمع ضوء أبيض داخل هذا النفق المظلم، ويشير إلي أن ساعة الصفر قد اقتربت، وأن الأزمة أوشكت أن تنتهي، ولكن عادت ريما لعادتها القديمة، حيث رفض شفيق جبر الالتزام بكلامه السابق، وعاد للمماطلة والمساومة.
في تلك اللحظة سحب «العبار» كل أوراقه وكروته، وقرر مغادرة الاجتماع، بل مغادرة القاهرة كلها والتوجه مرة أخري للإمارات، وفي الثامنة مساء يوم الأحد، غادرت طائرة العبار مطار القاهرة، في يوم تكاثرت فيه الغيوم أيضاً، وأبت علي الانقشاع بسبب تراجع «جبر» عن التزاماته!!
انتهت الجولة الأولي للأزمة، ورغم ذلك لم تجب عن عدة استفهامات منها: ما هو مصير الحاجزين في مشاريع إعمار مصر هل يسحبون حجوزاتهم؟ أم أنهم لن يتأثروا بتلك الخلافات؟! وفي حالة نجاح «جبر» في ضم الشركة بالكامل إليه هل ينجح في إدارتها واستكمال المشاريع رغم عدم وجود سابق عهد له في هذا المضمار؟! وفي حالة انسحاب «جبر» هل يكفيه التعويض المادي الذي سيحصل عليه بعد التنازل عن حصته؟! أم أن له خططاً أخري يخفيها لوقتها؟!
وهل تقل أسهم شفيق جبر الاجتماعية التي اكتسبها بعد دخوله مشروع إعمار وينفض الجميع من حوله؟!
الأيام المقبلة كفيلة بالرد علي تلك التساؤلات، ولكن المؤكد أن خروج «العبار» من الصفقة سوف يكون صدمة قاسية للاستثمار الخليجي الذي بدأ يطأ أول خطواته في مصر، وقد يكون إشارة خضراء لغيره من المستثمرين العرب بأن يحذوا حذوه. وأن يفكروا ألف مرة قبل إقامة مشاريع استثمارية لهم في مصر؟
الجمعة 16 فبراير 2007 - 3:33