كشفت تقارير صحفية فرنسية عن الأوضاع المزرية التي يعيشها ثمانية آلاف مصري يعملون بإسرائيل في مجال الخدمات وتشييد المستوطنات والجدار العازل، كانوا قد دخلوا إسرائيل بغرض السياحة وتخلفوا بعدها للعمل.
وذكر تقرير لمراسل صحيفة "كوريير انترناشيونال" في تل أبيب نشرته في عددها أمس الأول أن هؤلاء العمال يعيشون في مستوى متدهور لدرجة جعلتهم يسكنون الإسطبلات وحظائر الماعز، مشيرة إلى أن معظمهم يقيمون في مدن يافا والجليل والطيبة، وغيرها من الأماكن التي لا تصل إليها في معظم الأحيان سلطات الهجرة والجنسية الإسرائيلية، والغالبية العظمى منهم يعملون في مجال التشييد والبناء بشكل غير قانوني.
لكن هذا الرقم يقل بشكل كبير عن ما أورده جهاد عقل مسئول العمال العرب في نقابة العمل الإسرائيلية، الذي أشار إلى أن العمالة المصرية بإسرائيل تقدر بحوالي 2500 عامل يتعرضون لابتزاز والضغوط والصعوبات من قبل أصحاب الشركات في إسرائيل.
وأوضح في حديث لإذاعة إسرائيل الخميس الماضي أن العامل المصري يعمل في مختلف القطاعات كالتجارة والبناء والكهرباء وأن أكثر قطاع يعمل به هو الخدمات، وذلك لأن وجودهم غير قانوني في إسرائيل.
ورفض عدد من العمال المصريين في حديثهم للصحيفة الفرنسية الكشف عن أسمائهم وتحدثوا بأسماء مستعارة، مثل أبو يوسف وعلي وأبو عبده، كما رفضوا التقاط أي صور لهم، خوفًا من الشرطة ومراقبي وزارة الداخلية الإسرائيلية، ومن المجتمع المصري وأسر زوجاتهم في مصر وأبنائهم في المدارس والجامعات المصرية الذين يرفضون- على حد تعبير الصحيفة- أن يكون لهم أباء بهذا الشكل في إسرائيل.
ومن بين هؤلاء موظف بالحكومة المصرية، جاء إلى إسرائيل كسائح، وعندما نفدت أمواله بدأ يبحث عن عمل، ومثله كثيرون يلجئون إلى حيلة السفر للسياحة حيث يحصلون على تأشيرة مدتها ثلاث أشهر يستغلونها للعمل هناك، ثم يعودون إلى مصر لتجديدها، لكن البعض منهم حصل على حق الإقامة بشكل رسمي بعد أن أتاح لهم الزواج من مسلمات عربيات ذلك.
ورسم مراسل الصحيفة الفرنسية، صورة لمعاناة هؤلاء المصريين، الذين قال إن حياتهم تتسم بالقسوة في سبيل جمع أكبر قدر من المال، حيث يحصل الواحد منهم على ما يقارب ثلاثة آلاف دولار في نهاية الشهور الثلاث، ينامون خلالها في حظائر الأغنام والإسطبلات مقابل 30 دولارًا في الشهر، بدلا من دفع مائة دولار في شقة مشتركة مع عشرات العمال.
وأشارت الصحيفة إلى أن العامل المصري في إسرائيل وعكس العمال من الجنسيات الأخرى يطلب أن يحصل على أجره بشكل يومي كي يصبح ماله في جيبه أولا بأول، وحتى لا يكون عرضة للنصب والاحتيال، لكنها لفتت إلى أن هناك خطرًا آخر هو الخوف أن يدفع لهم أصحاب العمل دولارات مزيفة متداولة وشائعة في السوق الإسرائيلي.
وأوضحت أن العامل المصري يفضل العمل مع مقاول من أصل عربي إذا كان في زيارته الأولى، أما إذا كان يعرف إسرائيل فهو يحضر مباشرة بعد تجديد تأشيرته من الحدود أو من القاهرة إلى المقاول اليهودي للعمل معه بسعر أعلى.
إلا أنهم في سيل ذلك يواجهون مخاطر، منها إيذائهم من قبل المتطرفين اليهود عندما يشاهدونهم يمارسون شعائرهم الإسلامية، ومطاردة الشرطة ومصلحة الهجرة لهم، فضلاً عن حوادث العمل الطارئة التي تودي بحياة بعضهم.
أما الأكثر خطورة، كما تشير الصحيفة، فهو التعرض للأمراض، حيث أن العلاج في إسرائيل معظمه حكومي، وهو ما يعني أن العامل المصري لن يستطيع اللجوء إلى المستشفيات، لأنه ليس مواطنًا إسرائيليًا أو مقيمًا فيها بطريقة شرعية.